نها بالفعل المرحلة الأهم في مشوار هذا الشاب المتألق الذي لفت العديد والعديد من الأنظار التي راقبته في البطولة الأفريقية ليس فقط بسبب أدائه الراقي وهدوئه المميز في مركز حساس مثل خط الوسط بل أكثر ما يبهر في هذا "الولد" هى رؤيته الواسعة لجميع أنحاء الملعب وثقته العالية في نفسه والتي تظهره وكأنه لاعب مخضرم يبلغ ثلاثين عاماً وهو في أوج عطائه الكروي، وقد تقوده هذه المرحلة إلى مزيد من النجاح والشهرة والتألق وهى أيضاً قادرة على إنهاء مشواره الكروي سريعاً وكأن شيئاً لم يكن.
أنه صالح جمعة الذي أتى من إحدى قبائل "البدو" في شمال سيناء وهو ابن الـ19 عاماً وأحد الشباب الواعد الذي يقدمه نادي إنبي للكرة المصرية ونجم منتخب مصر للشباب والحاصل على لقب أفضل لاعب في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة التي أقيمت في الجزائر.
وكان لتألق جمعة في قيادة خط وسط منتخب مصر في البطولة الأفريقية بمثابة المفتاح لفوز الفراعنة باللقب وتحقيق إنجاز جديد للكرة المصرية في هذه المرحلة العمرية بالذات بعد نجاح هؤلاء الشباب لإقنتاص اللقب الأفريقي للمرة الرابعة في التاريخ.
وانهالت بعد ذلك العروض على لاعب إنبي الشاب فتارة نسمع عن اهتمام مانشتسر يونايتد الإنكليزي ومعه ليفربول وتارة أخرى من غرناطة وإشبيلية في إسبانيا وتورينو وأودينيزي من إيطاليا وأخيراً وليس آخراً أندرلخت البلجيكي وبنفيكا البرتغالي.
إنه شيء رائع بكل تأكيد مجرد سماع هذه العروض أو حتى ارتباط جمعة بهذه الأندية سواء من قريب أو من بعيد وهو في هذه المرحلة بالتحديد يعد "إنجاز" في حد ذاته يحسب لهذا "الصبي".
وطلب بالفعل كل من أندرلخت وإشبيلية من إنبي خضوع اللاعب لفترة معايشة في كل نادي لمدة من الوقت يتم تحديدها من أجل أن يتاح لمدربي الفريقين رؤية هذه الموهبة المصرية عن قرب.
وها هو جمعة يصل لبلجيكا ويتألق مع "رديف" أندرلخت في أول لقاء يلعبه مع الفريق حيث أظهر قدرته على قيادة خط وسط لأي فريق برؤيته الكبيرة للملعب وتمريراته الرائعة التي يوزعها مثل "الهدايا" على جميع زملائه في الفريق.
وعلى الرغم أن الحديث مازال مبكراً بعض الشيء عن انضمام جمعة بشكل رسمي لأندرلخت إلا أنه لا يمنع من معرفة فرص هذا الفرعون الصغير في اللعب بشكل أساسي مع هذا النادي البلجيكي الكبير وأبرز النجوم المنافسين للاعب إنبي الشاب في هذا المركز خاصة بعد أن شبهته بعض الصحف البلجيكية بنجم الفريق الأسبق أحمد حسن بل وجعلت منه "وسيطاً" في حالة وجود مفاوضات مع إنبي لضم هذا الشاب.
يقود أندرلخت المدرب الهولندي جون فان دين بروم منذ العام الماضي في أول تجربة تدريبية له خارج هولندا ونجح في قيادة النادي البلجيكي للتويج بكأس السوبر البلجيكية بالإضافة لفوزه بلقب الدوري في هذا الموسم وبالطبع مشاركته في دوري الأبطال في الموسم المقبل.
يلعب أندرلخت بخطة 4-2-3-1 الشهيرة والمتداولة حالياً بين العديد من أكبر الأندية الأوروبية وهى تحتاج لثنائي خط وسط من طراز رفيع يستطيع التوازن بين الدفاع الهجوم وإمداد الأجنحة بتمريرات سحرية لضرب دفاعات الخصم.
يمتلك النادي البلجيكي العريق أحد أبرز نجوم خط الوسط في أوروبا في الوقت الحالي هو اللاعب الأرجنتيني لوكاس بيجليا الذي تتهافت عليه الأندية الأوروبية الكبيرة مثل ليفربول وآرسنل وغلطة سراي والذي من المتوقع رحيله في هذا الصيف رغم كونه قائد الفريق ولكنه يبحث عن المزيد من الألقاب الأوروبية خاصة أنه يبلغ من العمر 27 عاماً وربما حان وقت الرحيل لتحد أكبر.
يعتمد المدرب الهولندي إلى جانب بيجليا على الدولي الأميركي ساشا كليستان والذي أقنع المدرب بأدائه الراقي ومجهوده الوافر في أرض الملعب، ويلعب في أندرلخت أيضاً في مركز خط الوسط الدولي الهولندي ديمي دي زيو المنضم على سبيل الإعارة من سبارتك موسكو الروسي والذي لم يقنع فان دين بروب حيث شارك فقط في 5 مباريات مع النادي البلجيكي وكان في معظمها كبديل.
وهناك غيوم جيليه لاعب الخبرة في خط الوسط في صفوف أندرلخت والذي يعتمد عليه المدرب أكثر في مراكز الدفاع سواء في الجانب الأيسر أو في الوسط، ويأتي أيضاً الفنزويلي رونالد فارغاس الذي يستطيع اللعب كصانع ألعاب أو كجناح لسرعته ومهارته العالية.
لم يتبقى سوى دينيس برايت وماسيمو برونو ثنائي الشباب في أندرلخت واللذان أيضاً يتم الاعتماد عليهم في الثلاثي الذي يلعب خلف رأس الحربة فضلاً عن استخدامهم في منتصف الملعب، وسنستبعد بالتأكيد شيخو كوياتي وهو النجم الشاب الأبرز في صفوف الفريق والذي جذب أنظار العديد من عمالقة أوروبا كان أبرزهم مانشستر سيتي الإنكليزي، لأنه يلعب كمدافع أكثر منه كلاعب خط وسط مدافع لتألقه بالتحديد في هذا المركز مع أندرلخت.
وبعد كل هذا سنجد أن فرصة جمعة متاحة بالتأكيد للظهور في أندرلخت خاصة في حالة رحيل لوكاس بيجليا وتقديم الفرعون الصغير أوراق اعتماده سريعاً للمدرب الهولندي لحجز مكان له في التشكيلة الأساسية في الموسم القادم.
كلمة أخيرة لجمعة.. مثل ما بدأت الحديث عن أهمية هذه المرحلة بالنسبة لـ"انييستا" المصري كما لقب من بعض الصحف السويسرية والبلجيكية والإسبانية، سأنهي الحديث أيضاً بتكرار هذا الكلام والتأكيد عليه لأنها مرحلة الإنتشار وإثبات الذات ويستطيع هو نفسه أن يجعلها مرحلة تطوير وإثثقال للموهبة التي يمتلكها إذا نجح في اقتناص ليس أقرب فرصة احتراف ولكن لابد أن تكون فرصة تمنحه المشاركة بشكل أساسي وتنمية مهارته والنضوج السريع في مستوى يحلم به أي لاعب كبير.
في النهاية.. كل التوفيق لجمعة في فترة اختباراته الأوروبية القادمة وربما حان وقت ظهور "قيصر" جديد أو خليفة آخر "للعميد" يقود منتخبنا الفرعون في كأس العالم الأصغر وأخوه "الأكبر".