الرئيسية » » بالتفاصيل.. حيثيات حكم المجزرة يحمل الأولترا والإعلام الرياضي وإدارات الأندية المسئولية

بالتفاصيل.. حيثيات حكم المجزرة يحمل الأولترا والإعلام الرياضي وإدارات الأندية المسئولية

الكاتب Unknown يوم السبت، 30 مارس 2013 | 5:55 م


أعلنت محكمة جنايات بورسعيد أسباب حكمها في واحدة من كبرى الأحداث المأسوية التي مرت بها مصر أحداث استاد بورسعيد التي راح ضحيتها نحو74 شابًا وأصيب المئات في أعقاب مباراة كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري وأدانت فيها المحكمة 45 متهمًا بعقوبات متفاوتة.
وبرأت 28 آخرين حيث عاقبت 21 بالإعدام شنقًا والمؤبد لـ5 و السجن المشدد 15 عامًا لـ10 بينهم مدير أمن بورسعيد السابق ومدير شرطة المسطحات بالمحافظة والذي كان مكلفًا بخدمه بوابة المدرج الشرقي ومسؤول الإضاءة بالنادي المصري والسجن 10 سنوات لـ6 والسجن 5 سنوات لمتهمين والحبس عام لمتهم.
سطرت المحكمة برئاسة المستشارصبحي عبد المجيد الحيثيات في 177 ورقة استعرضت خلالها وقائع القضية وما استندت إليه في أحكام الإدانة والبراءة وما دار بجلسات المحاكمة التي انعقدت بعضوية المستشارين طارق جاد المتولي ومحمد عبد الكريم عبد الرحمن وحضور فريق من النيابة العامة ضم كلا من محمود الحفناوي وكمال مختار عيد ومحمد جميل وعبد الرؤوف أبو زيد
العدالة للجميع
واستهلت أسبابها مؤكدة أن قضاء مصر الشامخ لم ولن يكون قضاءً للثورات أو قضاءً للأنظمة الحاكمة وإنما هوقضاء شعب مصر جميعه وسوف يذكر التاريخ أن هذا القضاء هو الذي لملم أحشاء مصر خلال فترة الثوره كما حمي جيشها العظيم أبناء الوطن وحافظ علي سلامة أراضيه.
وتناولت الأسباب أهالي محافظة بورسعيد مؤكدة أنه ما أن علم شعب بورسعيد الحر الأبي بالواقعة حتي هبُّوا علي بكرة أبيهم يجوبون الشوارع والميادين للبحث عن هؤلاء الجناة العتاة لضبطهم وتسليمهم للعدالة لكي ينفضوا الغبارعن وجه مدينتهم المشرق الجميل ويزيلوا عن ثوبها الأبيض الناصع البياض هذة البقعة السوداء فالمجني عليهم قتلوا وأصيبوا في دقائق معدودات في مباراة يقال لها مجازا أنها كرة القدم كما أنهم أبناؤهم وأبناء مصر جميعًا.
وهذا العدد الرهيب من القتلي والجرحي لم تشهده بلادنا الحبيبة منذ أعنف الغارات الحربية التي شنها العدو الصهيوني الغاشم علي بلادنا خلال حرب الاستنزاف وها هم أهالي بورسعيد يتمكنوا من ضبط المتهم الأول وأبوا إلا أن يسلموه بأيديهم للعدالة كما أنَّ ثمانية من شهود الإثبات هم من أبناء بورسعيد الذين حضروا من تلقاء أنفسهم ليشهدوا مع باقي الشهود على ما شاهدوه وما اقترفه المتهمون من جرم .

روابط المشجعين وإعلاميين غير مؤهلين
تطرقت الحيثيات للحديث عن ظاهرة الألتراس والإعلام الرياضي موضحة أنه تلاحظ في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة روابط تشجيع الأندية الرياضية (الألتراس) والتي انتقلت إلي مصرمن الملاعب الأوربية وأمريكا الجنوبية.
وأوضحت المحكمة في أسبابها أنَّه نظرًا لعدم التعامل مع تلك الظاهرة وبحث أسباب انتشارها واستثمارها في النهوض بالرياضة المصرية بتوجيهم الوجهة الصحيحة صارت وسيلة ضغط علي الأندية وتدخلت في شؤونها الإدارية والفنية وساعدهم على ذلك ضعف بعض مجالس إدارات الأندية وتمسكها بمقاعدها وأحيانا أخري إسناد هذه الإدارات لمن هم غير مؤهلين لذلك أصبح ضرر هذه الروابط أكثر من نفعها.
وساهم في ذلك إعلام رياضي تسلل إليه علي حين غفلة من أهله من هم غير متخصصين فكل من مارس الرياضة يوما أو لم يمارسها زاول مهنة الإعلام الرياضي دون ان يكون مؤهل علميا أوأكاديميا لممارسة هذا العمل الخطير فنجد منهم من يتولي الدفاع عن تلك الروابط وتبني أفكارهم والاخر اتخذ موقفا مضادا للأول دون بحث أو تحليل وهذه الروابط تنتمي بالقطع إلى الأندية الرياضية ذات الجماهير العريضة وقد يكون الإعلامي أحد أبناء هذا النادي أوذاك فعندما يقدم خبرًا ما ويدعي الحيادية إلا أن أسارير وجهه وصرير قلمه وعدسة كاميرته وطريقة إذاعته أو نشره للخبر تفضح انتماءه وزيادة الفرقة والتعصب بين الروابط بدلًا من التقريب وبث الروح الرياضية.
وقد اندس بعض من مثيري الشغب بين هذة الروابط وحاول الأمن السيطرة عليهم فعاملهم أحيانًا بعنف فازدادوا عنفًا وعندما أراد تطبيق القانون عليهم وقام بضبطهم سارعت بعض الإدارات الرياضية باللهث خلفهم للحيلولة دون ذلك فازدادت الأمور سوءًا وتخبطت الإدارات الرياضية في قراراتها الانضباطية نحوهم وفشلت في التعامل مع تلك الظاهرة والتي عندما أستشرت في الدول المصدرة إليها وساد الشغب بملاعبها تصدت لها بحسم وجزم واجتثت المفسدين من بينهم، وطبقت القانون إذ كلما غاب القانون عمت الفوضى وفي الفترة الأخيرة ازداد الأمر سوءًا.
وبعد ثورة 25 يناير وما صاحب ذلك من إنفلات أمني وأخلاقي بعد أن حاول أعداء الوطن إجهاض جهاز الأمن المصري العريق وتوقفت على إثر ذلك الأنشطة الرياضية إلى أن بدأت تعود تدريجيًا بقرارات قد تكون غير مدروسة ومأمونة العواقب وتداخلت فيها جهات عديدة كل بحسب رؤيته ومصلحته الخاصة ودون إعلاء لمصلحة الوطن
احتقان مسبق
سردت الأسباب تفاصيل وقائع ما دار في استاد بورسعيد وما استندت إليه في إدانة المتهمين، وأشارت إلى أنَّه عندما أعلن عن تحديد مباراة كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري في الأول من فبراير العام الماضي حتي بدأت الحرب الكلامية تشتد بين جمهور الفريقين نظرًا لحالة الاحتقان الشديد الدائم بينهما.
فجمهور التراس الأهلي حضر إلي بورسعيد في بداية عام2011 وأتلف بعض من مباني محطة سكك حديد بورسعيد ومحيطها وأثار ذلك حفيظة جمهور ألتراس المصري ورسخ فكرة الثأر لديهم فرد بروابطة الثلاثة ألتراس مصراوي وسوبر جرين وجرين إيجلز بعنف شديد وصل ذروته إلى تهديد كل من يأتي من ألتراس الأهلي لمشاهدة المباراة بالقتل.
وقامت الرابطة الأخيرة جرين إيجلز بتأليف الأغنية الشهيرة (لوجاي بورسعيد ... أكتب لأمك وصية.. علشان هتموت أكيد.. وملكش أي دية) ورصدت الأجهزة الأمنية ببورسعيد كل ذلك الشحن المعنوي والاحتقان الزائد عن كل مباراة سابقة بين الفريقين والتي تنذر بعواقب وخيمه.
وأبلغت المتهم الثاني والستون عصام الدين سمك مدير أمن بورسعيد السابق إلا أنه أصر على إقامة المباراة في موعدها واجتمعت روابط التراس المصري الثلاث صباح يوم المباراة كل في المكان المخصص له وبالاتفاق فيما بينهم لإعداد وسيلة تنفيذ جريمتهم الشنعاء فأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء بكافة أنواعها وعصي وكمية من الحجارة، وشماريخ وباراشوتات، وصواريخ نارية، وصواعق كهربائية، كما أعدُّوا ولأول مرة عصي بيضاء تشع نورًا أخضر عند إضاءتها لاستخدامها للتعرف على بعضهم البعض لحظة الهجوم على المجني عليهم بالمدرجات حال قيام المتهم توفيق ملكان صبحية مهندس كهرباء والإذاعة الداخلية بالإستاد بإطفاء الأنوار عقب المباراة مباشرة.
وكانت من بين عناصر تنفيذ جريمتهم تقسيم أنفسهم إلى مجموعات تترصد جمهور التراس الأهلي في الأماكن التي أيقنوا سلفًا قدومهم إليها فتوجهت المجموعة الأولي يوم المباراة إلى محطة القطار للاعتداء عليهم لحظة وصولهم وفشلت هذه المجموعة في تحقيق مأربها نظرًا لقيام الأمن والقوات المسلحة بتغيير خط سير وصول الجماهير.
والمجموعة الثانية كانت تترصدهم عند مدخل الاستاد ونجحت في تنفيذ ما اتفقوا عليه فما أن شاهدوا حافلات جماهير ألتراس الأهلي حتي بادرتهم بوابل من الحجارة ألقوها عليهم ما أدى إلى إصابة بعض المجني عليهم .
الشحن الجماهيري
وكان من بين عناصر هذه الخطة أيضًا الاستعانة ببعض المتهمين من أرباب السوابق والذين ليست لهم علاقة بكرة القدم للاشتراك معهم في قتل المجني عليهم على أن يلتقي الجميع داخل الإستاد والهجوم على المجني عليهم وقتلهم عقب انتهاء المباراة.
ثم قامت الروابط بتوزيع أنفسهم داخل الإستاد فاستقرت رابطتي ''ألتراس مصراوي'' و''جرين إيجلز'' بالمدرج الغربي بينما جلست رابطة ''سوبر جرين'' بالمدرج البحري الشرقي حتي يتمكنوا من الإطباق علي جمهور ألتراس الأهلي ومحاصرتهم بالمدرج الشرقي لحظة الانقضاض عليهم عقب انتهاء المباراة.
وما أن دخل جمهور ألتراس الأهلي من باب المدرج الشرقي المعين على خدمته المتهم محمد محمد سعد ''ضابط شرطة'' حتي فوجئوا على غير العادة في المباريات بقيام المتهم توفيق ملكان مسئول الإذاعة الداخلية بالإستاد بقطع البث الاذاعي والإعلان عن وصول ألتراس أهلي وكأنه يعلن عن وصول الضحايا.
فبادرهم ألتراس المصري بأعداده الغفيرة التي تزيد عن السعة المقررة للإستاد والذي تمكن من دخوله بعد أن فتح لهم مدير الأمن أبوابه علي مصرعيه دون الحصول علي تذاكر لحضور المباراة ودون تفتيشهم لضبط ما يحوزوه من أسلحة وما أن أستقر المجني عليهم في أماكنهم أبصروا لافتة مرفوعة بالمدرج الغربي المخصص لألتراس المصري مدون عليها باللغة الإنجليزية عبارة موتكم هنا ويرفعون علم الأهلي وعليه نجمة داود.
وبدأت المبارة في جو مملوء بالتوتر وازداد السباب والهتافات المعادية بين جمهور الفريقين وتلاحظ أن عبارات السباب من جمهور النادي المصري كانت غريبة عن مثيلاتها في المباريات السابقة إذ أنّ كلها كانت تحمل معني التهديد بالقتل كما لوحظ نزول بعض المتهمين من ألتراس المصري لمضمار الملعب إمَّا قفزًا من أعلى أسوار المدرج أو بكسر أبوابه بعضهم حاملًا لألعاب نارية وأسلحة بيضاء والآخر يخلع ملابسه ومن بينهم المتهمين الثالث والرابع والسابع والتاسع والعاشر والحادي والثاني والثالث عشر والثالث والرابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والخمسون والذين توجهوا إلى المدرج الشرقي لمحاولة الاعتداء على المجني عليهم وتمكن ضباط الأمن المركزي من القبض عليهم.
وتدخل مدير الأمن بفعله الإيجابي طالبًا تركهم وإعادتهم مرة أخري للمدرجات بدلًا من ضبطهم وهو الأمر الذي شجع هؤلاء وآخرين مجهولين على تكرار ذلك عدة مرات وكأنهم في بروفة تدريبية لهم ولباقي المتهمين في كيفية تنفيذ الهجوم على المجني عليهم عقب انتهاء المباراة.
كلمة السر ...التشجيع المشرف
وواصلت المحكمة سرد أسبابها مشيرة إلى أنه بين شوطي المباراة قال المتهم مدير الإدارة العامة للبحث الجنائي لمدير الأمن ما ورد إليه من معلومات خطيرة مفادها اعتزام المتهمين من جمهور ألتراس المصري النزول لأرض الملعب عقب انتهاء المباراة والهجوم على المجني عليهم.
إلَّا أنَّ الأخير لم يتخذ ثمة إجراءات أو تدابير أمنية للعمل على منع هذا الاعتداء وأثناء المباراة وفي منتصف شوطها الثاني تقريبًا رفعت لافته في المدرج الشرقي المخصص لجمهور ألتراس الأهلي مدون عليها عبارة (بلد البالة ما جابتش رجالة ) للتأثير على جمهور النادي المصري مما زادهم إصرارًا على تنفيذ مخططهم.
الإجرامي وقد شوهدت هذة اللافتة مع المتهم العاشر محمد محمود البغدادي وشهرته ''الماندو'' وهو يحملها ويصيح بعبارة ''اليافطة أهيه ''.
وقبل نهاية المباراة بحوالي عشرة دقائق قام المتهم المهندس المسؤول عن الإذاعة الداخلية بالاستاد بقطع الإذاعة وإذاعة بيان من ورقة محررة بخط يده نصها كالآتي :''أنَّ مجلس ادارة النادي المصري برئاسة الأستاذ كامل أبوعلي يهيب بجماهير النادي المصري التزام الهدوء والتشجيع المثالي للحفاظ علي حياة الجماهير وظهورها بالمظهر المشرف'' وكأن معلومة الهجوم على المجني عليهم قد انتقلت إلى مسامعهم.
وما أن لفظت المباراة أنفاسها الأخيرة وأطلق الحكم صافرة نهايتها معلنًا فوز النادي المصري حتى انطلق المتهمون من جمهور ألتراس المصري من كل حدب وصوب لتنفيذ أخر حلقة من حلقات مخططهم الإجرامي وقصدهم المصمم على الإطباق على المجني عليهم وقتلهم فأسرعوا في النزول من المدرجين الغربي والشرقي إما بالقفز من أعلي الأسوار أو بتحطيم أبوابها الداخلية في أجتياح كاسح وعارم ومهيب لأرض الملعب حاملين معهم أدوات تنفيذ جريمتهم النكراء متجهين بسرعة شديدة وبأعداد غفيرة وموجات متلاحقة صوب المجني عليهم كما حمل بعضًا من المتهمين المقاعد الموجودة بأرض الملعب لاستخدامها في التعدي علي المجني عليهم.
وبعد اجتياز الحاجز الأمني المهترئ والممزق أوصاله بأرض الملعب وقبل صعودهم للمدرج الشرقي أمطروا المجني عليهم بوابل من الحجارة والألعاب النارية فبثوا في نفوسهم الفزع والهلع من هذا الهجوم الغاشم الكاسح عليهم ومعظهم من الشباب صغار السن عزل حضروا لمشاهدة مباراة كرة القدم لا لدخول معركة حربية.
ومن شدة وهول المفاجأة أسرع المجني عليهم بالهروب من اعتداء المتهمين إلى الممر المؤدي للسلم الذي ينتهي بباب الخروج و كانوا كالمستجيرين بالرمضاء من النار إذ فوجئوا بالمتهم محمد سعد الضابط المعين على خدمته قد أحكم غلقه قبل نهاية المباراة بخمسة دقائق وانصرف من مكان خدمته وظلوا يندفعون الواحد تلو الآخر في اتجاه باب المدرج حتي تكدس الممر الضيق بالمئات وانحشروا جميعهم بين الباب المغلق والسلم وفتحة الممر المؤدية إلى المدرج والمتهمين يوالون قذفهم بالحجارة والتعدي عليهم بالعصي والصواعق الكهربائية وأسلحتهم البيضاء
فُحش إجرامي وندالة
وأضافت الحيثيات أنه بلغ فحش المتهمين الإجرامي بأن قاموا بإطلاق الألعاب النارية وبكثافة شديدة عليهم حتي بدت فتحته وكأنها ينبعث منها حمم بركانية مما أدى إلى سقوط المجني عليهم صرعى وقتلى بالاختناق نتيجة إعاقة حركة الصدر التنفسية وبلغ العنف مداه بأن قام المتهم التاسع والأربعون حسن محمد المجدي بالتعدي على المجني عليهم داخل سلم الممر أحيائهم وأمواتهم في أجسادهم بمطواه قاصدًا وباقي المتهمين قتلهم .
وأضافت الأسباب أنَّه من حاول من المجني عليهم ''المحشورين'' داخل الممر النجاة بنفسه أخذ جاهدًا رفع جسده إلى أعلى لعله يجد نسمة هواء نقية يستنشقها تعيد إلى رئتيه نبض الحياة فإذا به يجد نفسه يقف فوق جثث أصدقائه القتلى وقد وصف ذلك المشهد المأساوي شاهد الإثبات.